Life goes on

Life goes on

الثلاثاء، 10 فبراير 2015

بينما ينام العالم!


بعد قراءة هذه الرواية فهمت شيئاً... و تغيرت نظرتي لتاريخ فلسطين
النكبة و النكسة... صبرا و شاتيلا... جنين و غزة... الانتفاضة و المقاومة

     كل هذه الأحداث التي كان ثمنها الكثير و الكثير من الأرواح... قوائم الشهداء الخاصة بكل حدث... لم يكونوا مجرد أعداد في قائمة قتلى حرب... و لم يكونوا فقط (شهداء)... كل واحد منهم له حكاية... كل واحد منهم كان روحاً تكبر بحب الأرض... مع كثير من العلم و التطلع للمستقبل... مع الكثير من الذكريات و الضحكات و الحب... مع تاريخ... كانوا عوالم صغيرة! كانوا أجيال دُفنت حية!

     الرواية تصور لنا عائلة (أبو الهيجاء) من قرية (عين حوض). هذ العائلة عندما بلغ حفيدهم الأكبر سن السادسة في عام 1948 قصف اليهود قريتهم و بعدها طردوا الأحياء منهم, ليجعلو من قريتهم (مستوطنة الفنانين), ليرحل أصحاب هذه القرية إلى مخيم جنين. توفي الجد في سنة النكبة, ثم توفيت الأم بعد سنة النكسة و قصف اليهود مخيم جنين الذي عاد و بُني من جديد. و قصف تلو الآخر إلى أن توفيت العائلة و بقي الحفيدين يوسف و آمال. آمال ذهبت للدراسة في أمريكا و حصلت على الماجستير, أما يوسف فقد انضم إلى حركة فتح و سكن في مخيم صبرا, و بينما كان في مهمة مع المقاومة هاجمت عصابات الأرغون و شتيرن مخيميَ صبرا و شاتيلا و كانت المذبحة حيث قُتلت زوجته و ابنته. بعد ذلك عادت آمال من أمريكا إلى مخيم جنين و بعد بضعة أيام هاجمها اليهود فكانت مذبحة جنين التي قُتلت فيها آمال. ليبقى يوسف هو الشاهد الوحيد من هذه العائلة على النكبة 1948م و النكسة 1967م و مذبحة صبرا و شاتيلا 1982م و مذبحة جنين 2002م.

مقتطفات أعجبتني من الرواية:

- أُفكر بحنين إلى الماضي. صحيح أنه لم يكن لدينا في ليالي الشتاء تدفئة أو مياه ساخنة للاستحمام, لكن كان لدينا الكثير من الأشياء التي أدفأت أرواحنا. تقاسمنا كل شيء, من الملابس إلى أوجاع القلب.

- تعلَم الفلسطينيون أن يحتفلوا بالاستشهاد, فالاستشهاد وحده هو اللذي يقدم الحرية. أصبح الاستشهاد هو التحدي النهائي للاحتلال الاسرائيلي.

-اعجبتني مقولة عم بطلة القصة داليا عندما أراد لها أن تكمل دراستها:
     نحن جميعاً نولد و لدينا أعظم الكنوز التي يمكن أن نحصل عليها في الحياة. أحد هذه الكنوز هو عقلك, و الآخر هو قلبك, و الزمن و الصحة أداتان لا غنى عنهما لتلك الكنوز. ما تفعلينه لتطوير نفسك و لمساعدة البشرية, يدل على مدى تقديرك لهذه النعمة من الله. لقد حاولت أنا أن أستغلَ عقلي و قلبي للحفاظ على ارتباط شعبنا بالتاريخ, لكي لا نصبح مخلوقات بلا ذاكرة, تعيش اعتباطياً على هوى الظالم.

في وصف القدس:
     لقد غزيت, و نُهبت, و مُحيت, و أُعُيد بناؤها مراراً, كأنَ حجارتها تمتلك الحياة التي منحتها إياها دروب من الصلاة و الدم.
إنها تبثَ في داخلي إحساسًا بأنها ليست غريبة عني و لا أنا غريبة عنها, ذلك اليقين الفلسطيني الثابت اللذي لا يقبل الجدل, على أنني أنتمي إلى هذه الأرض.
أنا ابنة الأرض, و القدس تؤكد طمأنينتي إلى هذا اللقب غير القابل للتصرف, أكثر بكثير من كلَ سندات الملكية المصفرَة, و سجلات الأراضي العثمانية, و المفاتيح الحديدية لمنازلنا المسروقة, أو قرارات الأمم المتحدة, و المراسيم الصادرة عن القوى العظمى.



لفته تربوية أعجتني:
     كان والد آمال يقرأ لها شعراً في كل يوم عند الفجر. على الرغم من الحرب و الأوضاع المعيشية المتدنية إلا أنه كان يحرص على هذه العادة, و لم يتوقف إلى أن بلغت آمال سن الثانية عشر حيث استشهد. و اللافت للنظر أنها لم تكن تفهم ما يقرأ لها والدها من الشعر, إلا أنه استمر في هذه العادة من أجل مد جسور تواصل مع ابنته. مما ذكرته آمال عن هذا الوقت الخاص مع أبيها:
(لم أعرف قطَ وقتاً أكثر حناناً من الفجر اللذي يأتي مع رائحة تبغ التفاح المعسل, و مع العبارات المتألقة لأبي الطيب المتنبي, و امرئ القيس, و جبران خليل جبران, و المعرَي, و ابن الرومي. لم أفهم دائماً ما كتبوه, لكن أبيات الشعر كانت تطربني و تخدرني. من خلالها أحسست بعواطف أبي, بخسائره, بأحزانه, و بقصص حبه. لقد أعطاني كل ذلك. هذه الهدية العظيمة من بابا كانت شيئاً لايمكن أحداَ أن يسلبني إياه.)

هذا الكتاب هو قصة إنسانية ثرية بالتفاصيل الحقيقية المؤثرة.



الخميس، 22 يناير 2015

السلطان الفاتح

     


     رواية تاريخية تكشف أسرار فتح القسطنطينية بأسلوب مشوق, و تنقلنا إلى أجواء المعارك, و تزيدنا إعجاباً بالسلطان (محمد الفاتح). هذه المدينة التي بقيت صامدة في وجه محاولات العثمانيين لسنوات و محاولات عديدة لفتحها, رضخت أخيراً و انحنت احتراماً أمام السلطان الذي عرف بثقافته و دهائه و سعة حيلته العسكرية بالرغم من صغر سنه. إنه السلطان اللذي بشر الرسول _صلى الله عليه و سلم_ بفتحه القسطنطينية: (لتفتحن القسطنطينية, فلنعم الأمير أميرها, و لنعم الجيش ذلك الجيش). 

     وُلد السلطان محمد في 29 آذار 1432 في أدرنة, و كان الابن الثالث للسلطان (مراد الثاني). استبشر الجميع بمولده بسبب قدومه في السابع و العشرين من رجب, و وقوع أحداث كثيرة مباركة في عامه فقد تكسرت أغصان أشجار الفاكهة لكثرة ثمارها, و في الخريف فاض نهر طونا بالسمك, و ولدت الأفراس توائم بقدر لم تشهده الدولة من قبل, لكن السلطان (مراد الثاني) لم يأبه لكل ذلك, لأنه يعرف جيداً أن هذا الولد ليست لديه فرصة كبيرة للجلوس على العرش, فلديه أخوان أكبر منه, و من البديهي أنه من الستبعد جداً أن يعتلي لعرش. و تمر السنوات و يؤول الحكم بشكل غير متوقع إلى هذا الطفل, فبعد إرسال محمد إلى أماصيا و هو في الثانية من عمره, مات شقيقه الأكبر أحمد الذي كان والياً هناك عام 1437. و قُتل شقيقه الآخر علي الذي عُين والياً على المدينة نفسها مع ابنيه اللذين كانا صغيرين جداً على يد خضر قره باشا أحد وجهاء المنطقة. جلس (السلطان محمد) على العرش عام 1444 و قد كان حينها في الثانية عشر من عمره و كان من يدير الحكم فعلياً هو الصدر الأعظم (خليل تشاندارلي) اللذي تمادى بدوره و رتب لاندلاع تمرد (بوتشقتبة), و لم يلبث الأمر طويلاً لأن والده السلطان (مراد الثاني) عاد و جلس على العرش عام 1444. و مرت خمس سنوات تعلم السلطان (محمد الفاتح) خلالها سبع لغات, و اعتكف على قراءة الكتب و دراستها بعقله الغض, و لم يبعد العلماء و الفنانين عنه لحظة, حتىى وفاة والده في شباط عام 1451 ليعود إلى الحكم. 

     23 آذار - 6 نيسان 1453 خرج السلطان محمد و جيشه المكون من ستين ألفاً من المشاة, و قرابة أربعين ألف فارس, و منطوعين من الشعب لفتح القسطنطينية. مع مدفع ضخم سُمي ب (سلطاني) و نحو عشرين مدفعاً صغيراً و صانع المدافع المهندس (أوربان) و تلميذه.

    وصف أسوار القسطنطينية: يبلغ طولها 22 كيلومتر, في مقدمتها خندق بعرض عشرين متراً و عمق عشرة أمتار. أما الأبراج الموزعة على طول الأسوار فيبلغ ارتفاعها 25 متراً, و تُستخدم لنثر (النار الرومية) و هي سلاح كيميائي مكون من مزيج القار و الكبريت و الصمغ و الكلس و نترات البوتاسيوم, و تتأجج أكثرعند محاولة إطفائها بالماء.

من دهاء السلطان محمد الفاتح أنه قبل خروجه فعلياً للفتح, شتت أوروبا و زرع بينهم النزاعات الدينية, و أشعل حروبهم الداخلية و أنهك قوى أوروبا حتى يضمن ضعف القسطنطينية, التي لم يهب لنجدتها من دول أوروبا إلا إيطاليا بقيادة الجنرال (جيوستنياني).

أول من رفع راية الإسلام فوق أسوار القسطنطينية كان (حسن الألوباطي) و بفعلته هذه توالت ظواهر النصر.نُقلت (جثة حسن الألوباطي) على نقالة إلى السلطان محمد الفاتح, و بجسده 27 ثقب سهم. قبَل السلطان جثمان حسن و قال هذه الكلمات: (لو لم أكن سلطاناً لأردت أن أكون حسن الألوباطي)

اقتباسات أعجبتني:

*أنت تعرف أن ما يُميز الرجل العطيم هو ركضه وراء أحلامه بحب و اندفاع.

*إن الإنسان بالتعليم يمكن أن يتخلص من جشعه و مشاعره السيئة.

*لماذا يبحث الإنسان عن عدو له بشكل دائم؟ لماذا لا تنتهي الحروب بأي شكل؟ ولماذا بعد إراقة الدماء يتم الإدعاء بإزالة الظلم؟
رد السلطان محمد: "لأن الإنسان يخاف. فهو يخاف فقط, و ينظر إلى الآخر نظرة توجس و خوف. إنه يخاف كثيراً من كل مكان و من كل شخص, و كل شيء. و في النهاية, يبدأ بالخوف من نفسه و يغدو ظالماً. يقول القدماء: الخوف أقوى من المنطق. و بقدر ما يكون خوفنا أقل, يسيطر علينا شك أقل, و نكره أقل. ألم تفكر مطلقاً في سبب كون أحباب الله باسمين بشكل دائم؟"
"لأنهم لا يخافون إلا الله"

*إن السبب الرئيس لانتشار التخلف الفكري حيث ينمو التعصب هو انتشار النظر إلى قشور الأشياء فقط و الانجراف وراء الأوهام. و هؤلاء لن يقتنعوا بالأدلة المقدمة لهم بسهولة.